جريمة لا تسقط بالتقادم.. إحراق المسجد الأقصى عام 1969
جريمة لا تسقط بالتقادم.. إحراق المسجد الأقصى عام 1969
جريمة لا تسقط بالتقادم.. إحراق المسجد الأقصى عام 1969
في يوم 21 أغسطس 1969، وقعت جريمة مروعة هزت مشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم، حيث أضرم متطرف أسترالي يدعى دينيس مايكل روهان النار في المسجد الأقصى المبارك، أحد أقدس الأماكن لدى المسلمين. هذه الجريمة التي استهدفت أقدم مسجد في تاريخ الإسلام وأحد أبرز المعالم الدينية والثقافية في القدس، تركت آثارًا عميقة في النفوس ولا تزال تعتبر جريمة لا تسقط بالتقادم.
تفاصيل الحادثة
في صباح ذلك اليوم المشؤوم، تسلل روهان إلى المسجد الأقصى بحجة الصلاة، لكنه بدلاً من ذلك قام بإشعال النار في المنبر التاريخي الذي جلبه صلاح الدين الأيوبي بعد تحرير القدس. اشتعلت النيران بسرعة في السقف الخشبي للجامع القبلي، وأتت على أجزاء كبيرة من المسجد، مما تسبب في أضرار جسيمة. كان المنبر الذي تم تدميره يعد من روائع الفن الإسلامي، وقد بقي لأكثر من 800 عام في مكانه قبل أن تلتهمه النيران.
الدوافع وردود الفعل
ادعى روهان أنه قام بهذا العمل بناءً على رؤية دينية، معتقدًا أنه مكلف من الله بإحراق المسجد لتسهيل عودة المسيح. تم اعتقاله ومحاكمته لاحقًا، حيث تبين أنه يعاني من اضطرابات نفسية. إلا أن هذه الجريمة لم تكن مجرد فعل فردي، بل أثارت تساؤلات وغضبًا واسعًا حول التقصير في حماية الأماكن المقدسة في القدس.
ردود الفعل كانت عارمة على مستوى العالم الإسلامي. اندلعت احتجاجات واسعة في مختلف الدول الإسلامية، واعتبرت الجريمة هجومًا على الإسلام والمسلمين. كما أصدرت الأمم المتحدة وعدة منظمات دولية بيانات تنديد، وطالبت بمحاكمة مرتكب الجريمة وبضمان حماية المسجد الأقصى.
تأثير الجريمة على المسجد الأقصى
الهجوم ترك آثارًا مادية ومعنوية كبيرة على المسجد الأقصى. ورغم جهود إعادة الترميم التي بذلت فورًا بعد الحادثة، إلا أن تدمير المنبر التاريخي كان خسارة لا تُعوض. وقد جدد هذا الحادث القلق بشأن مصير المقدسات الإسلامية في القدس، وزاد من التوترات بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الأبعاد السياسية والقانونية
إحراق المسجد الأقصى عام 1969 لا يمكن فصله عن السياق السياسي المعقد في القدس. هذا الحادث كان بمثابة تذكير بخطورة النزاع على المدينة المقدسة وأهمية الحفاظ على سلامة الأماكن الدينية فيها. الجريمة لم تُنسى، وتظل حاضرة في الذاكرة الجماعية للمسلمين كشاهد على التحديات التي تواجهها الأماكن المقدسة في ظل النزاع المستمر.
من الناحية القانونية، يعتبر إحراق المسجد الأقصى جريمة دولية تتعلق بانتهاك حقوق الإنسان والتعدي على الممتلكات الثقافية والدينية. ورغم مرور أكثر من خمسين عامًا على الجريمة، إلا أنها تظل قضية حية تثير النقاش حول العدالة والمسؤولية.
المسجد الأقصى بعد الجريمة
بعد الحريق، تم إعادة بناء المنبر المتضرر بشكل دقيق، وفي عام 2007، تم وضع منبر جديد مشابه للمنبر الذي دمر في الحريق، وقد تم تصنيعه في الأردن باستخدام تقنيات تقليدية. لكن الحادثة ظلت تذكر الجميع بأن المسجد الأقصى، رغم قداسته، لا يزال عرضة للخطر.
خلاصة القول، يبقى إحراق المسجد الأقصى في عام 1969 جريمة لا تسقط بالتقادم، جريمة تجسد التحديات التي تواجهها المقدسات الإسلامية في القدس. إنها جريمة تظل محفورة في الذاكرة، تذكرنا بأهمية حماية المواقع الدينية والتصدي لكل أشكال التطرف والعنف.